ديباجة المؤتمر

        طرح البروفيسور “دودلي سيزر” تساؤلا جوهريا حول معنى التنمية يقول فيه: “السؤال الذي يجب توجيهه عن تنمية أي بلد هو ماذا حدث بالنسبة للفقر والبطالة وعدم العدالة في توزيع الدخل؟، إذا كانت الثلاثة قد انخفضت من مستويات عالية فإن عملية التنمية من دون شك محل اهتمام، أما إذا ازداد أكثر أيا منها فمن المستغرب أن نسمي ذلك تنمية حتى وإن كان نصيب الفرد من الناتج الإجمالي يساوي الضعفين”.

         كما أن دراسة المجتمع كانت ولا تزال المحور الأساسي لمختلف الأبحاث والدراسات من قبل المفكرين والباحثين، ولعل أهم القضايا التي تم التركيز عليها هي مسألة التنمية الاقتصادية التي تشغل دول العالم الثالث عامة والجزائر خاصة نتيجة تعقد واتساع مشكلات الحياة الاقتصادية، حيث أصبحت مسألة التنمية الاقتصادية ومشاكلها تحتل اليوم الصدارة في الفروع التي يبحث فيها المفكر الاقتصادي العالمي بعد أن كانت تحظى باهتمام ضئيل من طرف علماء الاقتصاد قبل الحرب العالمية الثانية، ويرجع ذلك الاهتمام العالمي نتيجة اكتشاف مفاجئ لمدى انتشار التخلف الاقتصادي والتبعية الاقتصادية.

        فالجزائر بعد الاستقلال اتبعت النظام الاشتراكي فقد وظفت عوائد المحروقات في بناء نسيج اقتصادي وطني قائم على استراتيجية التصنيع لإحلال الواردات عبر مؤسسات عمومية، وهذا بغية الخروج من حالة التخلف الاقتصادي والاجتماعي في ظل متطلبات تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة، غير أن الأحداث الأمنية التي عرفتها البلاد في التسعينات كان لها أثر كارثي وسلبي على الاقتصاد الوطني وما تبعها من انهيار في أسعار النفط.

          وفي بداية الألفية عرفت الجزائر حركة اقتصادية كبيرة من خلال تسطير برامج اقتصادية استغلالا لعائدات النفط على رأسها برنامج دعم الإنعاش الاقتصادي (2001-2004)، برنامج دعم النمو (2005-2009)، برنامج توطيد النمو (2010-2014)، غير أن الأزمة النفطية لسنة 2014 أظهرت الخلل الاقتصادي مما حتم على الحكومة انتهاج سياسة اقتصادية تنموية جديدة سنة 2016 وذلك من خلال نموذج اقتصادي جديد يتضمن جملة من الإصلاحات تمتد إلى غاية 2030وهذا من أجل الخروج من وضع التبعية المطلقة للمحروقات والمباشرة في اقتصاد قائم على المنافسة والتنوع.

         وفي ظل توجه الدولة الجزائرية لتطبيق استراتيجيات اقتصادية هادفة لتحقيق التنمية الاقتصادية خاصة في المناطق الصحراوية نتيجة للمقومات التي تزخر بها هذه المناطق لما تنفرد به من خصائص اقتصادية وطبيعية قادرة على توفير الموارد المالية والاقتصادية لدفع عجلة التنمية في هذه المناطق من جهة، والمساهمة بشكل كبير في الحد من مشكلة البطالة وزيادة الناتج الوطني من جهة أخرى، غير أن التنمية الاقتصادية في المناطق الصحراوية ليست عبارة عن وصفة يتم تقديمها بصورة نهائية، بل يتم ذلك من خلال استغلال هذه المناطق الصحراوية وتحريك عجلة الاقتصاد فيها من خلال مساهمة العديد من القطاعات على رأسها: الفلاحة، النقل والإمداد، المقاولاتية، السياحة،  

            مما تقدم يمكن طرح إشكالية هذا المؤتمر من خلال التساؤل التالي:

ما واقع التنمية الاقتصادية في المناطق الصحراوية وما هي سبل تحقيقها؟